النعم ثلاثة ، نعمة حاصلة يعلم بها العبد ، و نعمة منتظرة يرجوها ، و نعمة هو فيها لا يشعر بها.
فإذا أراد الله إتمام نعمه على عبده عرفه نعمته الحاضرة و أعطاه من شكره قيدا يقيدها به حتى لا تشرد ، فإنها تشرد بالمعصية و تقيد بالشكر ، و وفقه لعمل يستجلب به النعمة المنتظرة و بصره بالطرق التي تسدها و تقطع طريقها و وفقه لاجتنابها.
و إذا بها قد وافت إليه على أتم الوجوه ، و عرفه النعم التي هو فيها و لا يشعر بها.
و يحكى أن أعرابيا دخل على الرشيد ، فقال : يا أمير المؤمنين ثبت الله عليك النعم التي فيها بإدامة شكرها ، و حقق لك النعم التي ترجوها بحسن الظن به و دوام طاعته ، و عرفك النعم التي انت فيها و لا تعرفها لتشكرها ، فأعجبه ذلك منه و قال : ما أحسن تقسيمه ......